أدى عدد من قادة حماس في الضفة الغربية صلاة الجمعة إلى جانب الرئيس الفلسطيني في مقره في رام الله، وقد أثار هذا المشهد بارقة أمل في نفوس الفلسطينيين، الراغبين في إنهاء الوضع القائم بين حركتي فتح وحماس، والذي ينذر بمزيد من التصاعد، وانعكاسات سلبية ضارة بالوضع الفلسطيني المثخن بالجراح أصلا.
تبددت بارقة الأمل بسرعة، إذ سارع المتحدثون الرسميون من الجانبين إلى وضع “الحدث” بين قوسين، واعتباره منبتاً عن سياق التراشق بالتهم، والسباب المندلع بين هؤلاء المتحدثين أنفسهم منذ نحو خمسة أشهر، وأفادونا بخلاصة تقول: “ليس هذا حواراً ولا شروعاً في الحوار، وإن كل طرف مازال عند موقفه وشروطه”.
بالرغم من ذلك، فقد كانت هناك قراءات متعددة لما جرى، خصوصاً بعد القطيعة التامة بين الطرفين، منذ أحداث غزة في حزيران يوليو الماضي.
تذهب القراءة الأولى إلى أن قيادة حماس في الضفة أرادت “لملمة” انعكاسات تصريحات الشيخ “نزار ريان”، أحد قادة حماس في غزة، والذي قال أمام حشد من الحركة : ” كما وعدناكم أن نصلي بالمنتدى، نعدكم أن نصلي بالمقاطعة”، والمنتدى هو مقر الرئيس الفلسطيني في غزة، والمقاطعة هي مقره في رام الله.
وقد أثار هذا التصريح ردود فعل حادة من قادة فتح، وأبدى عدد من قادة حماس امتعاضه منه أيضاً، واعتباره لا يعكس مواقف الحركة، التي يتعرض أنصارها لضغوط واعتقالات في الضفة، بذريعة الحيلولة دون تكرار ما حدث في غزة.
وكان مدير المخابرات الفلسطينية ، توفيق الطيراوي، اتهم حماس بالاعداد لانقلاب بالضفة، ما يعني تعرض أنصار الحركة لحملة قمع جديدة، وواضح أن قيادة حماس في الضفة أرادت قطع الطريق على مثل هذه الحملة،فأعلنت صراحة رفضها تصريحات ريان.
وقال عدد من هؤلاء:”سنصلي بالمقاطعة لكن مع الرئيس محمودعباس، وهو ما كان فعلاً، ويمكن اعتباره نجاحاً في وقف تداعيات محتملة في مدن الضفة، على خلفية تصريحات غير مسؤولة ولا ضرورة لها”، بحسب ما تقول مصادر في الحركة.
في هذا السياق ، تنفي المصادر نفسها نفياً قاطعاً وجدود أي انشقاق أو تباين حاد في حماس وتقول:” إن ما حدث في رام الله يحظى بموافقة قيادة الحركة، وهو يندرج في سياق دعوتها للحوار، ويدها الممدودة من أجل إنهاء الوضع الشاذ القائم، وراب الصدع الفلسطيني.
وهنا يمكن الحديث عن قراءة أخرى، تفترض اندفاعاً متجدداً من حماس، نحو إيجاد منفذ لحوار فلسطيني، فيكون التحرك لوقف تداعيات التصريحات الغزاوية، مدخلاً مناسباً للبحث في كل تفاصيل الملف أو أقله التمهيد لذلك، غير أن التصريحات التي تلت صلاة الجمعة، بينت أن المسافة الفاصلة بين الجانبين ما تزال على حالها.
في مقابل ذلك، ترى مصادر فلسطينية أخرى، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس كانت له مصلحة في ظهور قادة حماس غلى جانبه، في مقره برام الله، فعشية اللقاء الموعود الولايات المتحدة، لا تبدي حكومة أولمرت أي نيه لإنجاز وثيقة مشتركه مع عباس تتضمن ولو نذراً يسيراً من مطالبه، وهو ربما أراد التلويح بامتلاكه خيارات أخرى، وأنه يسطيع أن يشرع في حوار فلسطيني – فلسطيني، ظل ممنوعاً بضغوط صهيونية وأمريكية متنوعة.
ثمة من يستبعد لجوء الرئيس الفلسطيني إلى مثل هذا التكتيك، معيداً التذكير بأن الحوار يجب أن يكون خياراً استراتيجياً ، لا يخضع للمساومة وهو ضروري ، لأنه يقوّي الوضع الفلسطيني أمام كل تطور من أي نوع، ومن ذلك أيضاً، المحاولة الأمريكية لإقامة تنظيم فلسطيني جديد برئاسة الدكتور سلام فياض، رئيس حكومة تسيير الأعمال، يرفع شعارها” الازدهار تحت الاحتلال”، ويريد أن يجرف منظمة التحرير ومن معها، ومن ليس فيها.
كثيرة هي موجبات الحوار، وليتها تخرج من المناورات إلى أن تكون خياراً حقيقياً للجميع.