عباس واللقاءات الوداعية.. توقعات في غياب الشريك

حرص رئيس وزارء الاحتلال إيهود أولمرت على إجراء لقاء وداعي مع ريئس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لغاية لم تكن واضحة تماماً، وأفسحت في المجال أمام تفسيرات متعددة، ذهب بعضها إلى حدود الافتراض، بأن رئيس الوزراء المنصرف بعد اتهامه بالفساد، أراد الإبقاء على إمكانية العودة إلى اسئتناف اللقاءات الثنائية مع رئيس السلطة، معولاً على فشل ليفني في تشكيل حكومة جديدة، الأمر الذي يطرح إمكان بقائه على رأس حكومة تصريف أعمال حتى موعد الانتخابات.

لا يخلو الأمر من طرافة ستبدو معها لقاءات كتلك التي يشار إليها نوعاً من حرث الماء، وأكثر فشلاً وغياب جدوى من تلك التي كانت تتم سابقاً، وفي ظل وجود أولمرت الفاعل. ومن يدري، ربما تبادل الاثتان هواجس ما، ووضعا مخططات لرحلات تقاعدية، طالما أنهما ومع كل الفشل الذي انتهت إليه جهودهما أظهرا حرصاً على دورية اللقاء مثل صديقين حميمين.

وإلى أن تتبين مسارات الأمور في كيان الاحتلال، فقد حصل رئيس السلطة على موعد للقاء وداعي آخر مع الرئيس الأمريكي جورج بوش في البيت الأبيض أواخر الشهر القادم.

لا يخلو الموضوع هنا من طرافة أيضاً، فوسائل الإعلام تتحدث عن أن جدول أعمال اللقاء يتصل بالبحث في تطورات “عملية السلام”، دون أن توضح كيف سيتم ذلك، مع رئيس أمريكي يجمع حقائبه وخيباته معاً، وآخرها حتى اللحظة، الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تنذر بعواقب وخيمة ليس على الولايات المتحدة وحسب بل على مجمل اقتصادات العالم. وحتى ليمكن التساؤل عن شكل الحوار الذي سيتبادله الرجلان في هذه الأجواء، إذ لعل بوش سيطلب دعم السلطة الفلسطينية لخطته الاقتصادية الإنقاذية.

لكن وما دام الحديث عن الطرافة، فقد اقترح البعض على رئيس السلطة الفلسطينية أن يبلغ الرئيس الأمريكي، بعدم قدرته على إيجاد “شريك إسرئيلي” للحديث معه عن السلام وتنفيذ الرؤية الفذة للرئيس بوش عن الدولة الفلسطينية، ويكون الرئيس الفلسطيني بذلك قد قام بالثأر من الإسرائيلين، الذين رددوا طويلاً القول بأنهم لا يجدون شريكاً فلسطينياً لصنع السلام معه.

وقد يفاجئ بوش محدثه في هذه الحالة بالدعوة إلى مؤتمر في كامب ديفيد يضمن له عملاً حتى نهاية ولايته، ويتيح له التعبير عن مزيد من أفكاره الخلاقة لصناعة السلام، وذلك على غرار ما فعله كلينتون بعد فضيحته الشهيرة، مع ضرورة الإشارة إلى أن فضيحة الرئيس السابق كانت من النوع المثير المسلي، أما فضائح بوش فإنها من النوع الكارثي، الذي يجعل التسلية أقرب إلى دفع المرارة في النفوس.

على كل حال، فإن لكل من رئيس وزراء الاحتلال الصهيوني، ورئيس الولايات المتحدة أهدافهما السياسية من تلك اللقاءات التي يجوز عن حق وصفها بالوداعية، وربما كانا يهدفان إلى التسلية واستمرار اللعب في الأوقات الضائعة بالنسبة إليهما، وشديدة الوطأة على الشعب الفلسطيني.

ثمة جدول أعمال في “غياب الشريك” أقله لملمة الوضع المتردي للعلاقات الفلسطينية الداخلية. الحديث عن الطرافة في كثير الأحيان هو محاولة ما لتخفيف حجم المرارات التي تعتمل في النفوس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *