الكاتب نافذ أبو حسنة يوقع روايته “عسل المرايا” في صيدا

بدعوة من مركز معروف سعد الثقافي وتحت رعاية أمين عام التنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد وقع الكاتب الفلسطيني نافذ أبو حسنة روايته: “عسل المرايا” وذلك بحضور ممثلى أحزاب لبنانية وفصائل فلسطينية وحشد من المثقفين والشباب في مركز معروف سعد الثقافي في صيدا.


بدأ حفل التوقيع بالنشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني. ثم كانت كلمة لعريف الحفل الإعلامي خليل العلي، قال فيها: هذا المساء..مساء جميل.. هذا المكان تخترقه الأمنيات، ويعتليه الزهر، هنا صيدا، امتداد أرضٍ استشهد لأجلها الرجال والنساء.. هنا صيدا، وأقصد من صيدا هنا فلسطين.. هنا فلسطين ليس لأن أديبنا المُحتفى بروايته “عسل المرايا” اليوم، وهو نافذ أبوحسنة، فلسطينيّ الهوى والهوية، وعربي النهى، وليس لأن روايته فلسطينية عربية. هنا فلسطين، لأجل الماضي والحاضر والمستقبل، ولأجل شباب لايدَعون لنا أي مجال سوى الانتماء إلى تصميمهم ونضالهم وأرواحهم وحجارتهم. هنا فلسطين لأجل ضياء تلاحمة وبهاء عليّان ومهند حلبي وعلاء أبو جمل، لأجل كل شهيد روى بدمائه أرض فلسطين، ولأجل كل حبة تراب في فلسطين. ولأننا في صيدا وهنا فلسطين نداؤنا، سيبقى لهذا المساءِ الجمالَ في ذاكرتنا، ففيه الأدب وفيه أنتم، ولذا أقول هنا لبنان وهنا فلسطين من صيدا إلى عكا.
ثم كانت كلمة لراعي الحفل الدكتور أسامة سعد، جاء فيها:
إنّه لمن دواعي سروري واعتزازي أن أرعى حفل توقيع كتاب الأديب الأستاذ نافذ أبو حسنة. الكتاب الذي يحمل عنوان “عسل المرايا” يحاكي الواقع العربي بأزماته المتعددة من من جهة أولى، ويصورانتصار المقاومة في لبنان من جهة ثانية، وذلك بدءاً من دحر العدو الصهيوني من الجنوب اللبناني سنة 2000 وانتهاءً بحرب تموز 2006 التي لقّنت العدو درساً لن ينساه.
نافذ أبو حسنة أديب فلسطيني شاهد على الهزائم التي حلّت بالوطن العربي، ولاجئ فلسطيني ذاق مرارة اللّجوء والبعد عن الوطن الأم فلسطين. وهو يحمل بكل جدارة القضايا الوطنيّة التي تمثل أولويات له، كما تجلى ذلك في برنامجه “المشهد الفلسطيني” على قناة المنار.
كتاب الأديب الأستاذ نافذ أبو حسنة نافذة تطل منها على نضالات المقاومتين اللّبنانية والفلسطينيّة، وهي نضالات لا يستطيع التّاريخ إغفالها على الإطلاق. وفي مقابل تخاذل الأنظمة العربية أمام العدو الصهيوني خرج الكتاب ليذكّرنا بأنّ هناك مقاومة واجهت العدو طيلة سنوات الاحتلال الصهيوني للبنان، وبخاصة الجنوب، كما نجحت في طرد هذا العدو.
المشهد لا يزال حيا حتى اللحظة: مشهد جنود الاحتلال مع دباباتهم يندحرون أمام هذه المقاومة التي عملت لسنوات طويلة لبنانية وفلسطينية، جنباً إلى جنب، من أجل تحرير لبنان وعلى طريق تحرير فلسطين.
كما أنّ الرّواية لا تغفل تلك العلاقة التي تربط بين مدينة صيدا اللبنانية ومدينةعكّا الفلسطينيّة، ففي هذه الرّواية تحضر صيدا صنو عكّا. مدينتان يجمع بينهما الكثير؛ هي الأرض واحدة، والناس هم أنفسهم هنا وهناك، ومن قدموا قسراً من عكّا إلى صيدا يعيشون في المدينتين معاً. وليس في ذلك غرابةً فالصّيداويون الذين يعرفون عكّا جيّداً يعيشون فيها على نحو ما أيضاً، وبما يتخطّى فكرة مدينة في الذّاكرة وحسب، بل هي مدينة من مدن فلسطين العربية، والعروبة حبل اللقاء المستمر الذي لا ينقطع.
هذا ما كان عليه الشهيد معروف سعد مع رفاقه من أبناء مدينة صيدا؛ مناضلين من أجل فلسطين، ومقاتلين في سبيلها. فالدفاع عن القضيّة الفلسطينية هو الدفاع عن لبنان، وعن كل الدّول العربية. لذا ليس من المستغرب أن يضحي المقاومون اللبنانيون في سبيل تلك القضيّة جنباً إلى جنب مع المقاومين الفلسطينين، وأن تذكر العلاقة بين عكّا وصيدا في عمل أدبي يدرك الصّلة الحقيقية والواقعية بين صيدا وعكّا للتأكيد على أن الواحدة تستدعي الأخرى، وهو ما سيظل كذلك حتى تعود فلسطين لأهلها.
كل التقدير للجهد الذي بذله الكاتب الأستاذ نافذ لإنجاز هذه الرّواية التي عمد فيها إلى توحيد تاريخ المدن العربيّة، فكلّها متقاربة لجهة المعاناة من الصهيونية أو الاضطهاد أو الظلم الاجتماعي، وكلها متقاربة في فكرة التحرير والتحررمن الاستبداد والاستغلال.
كل الشكر لمنحي شرف رعاية هذا الحفل.
ثم كان للدكتورة الإعلامية انتصار الدنان كلمة قدمت خلالها قراءة انطباعية نقدية لرواية “عسل المرايا”. ومما جاء في كلمتها:
حين يصير الوطن حقيبة سفر يحتضنها المرء، يجرها خلفه أينما كانت وجته، يظل عبق تراب الأرض مربوطًا بتلك الحقيبة.
رواية عسل المرايا للكاتب نافذ أبو حسنة هي تلك الحقيبة التي تنقل الكاتب بها من بلد لآخر عب شخوصه الذين اختارهم لها، فقد حملت تلك الحقيبة حروب الوطن العربي التي صار تتالى بعضها خلف الآخر، تشهد انهزامات وانكسارات على امتداد الفترة الزمنية التي اختارها الكاتب لروايته. فقد عبّأ الكاتب في حقيبة ترحاله المستمر تلك النزعة الإنسانية والصراعات الداخلية التي يشعر بها الإنسان، تلك الاختلاجات التي تختلط مرات عدة بالحب والخوف، التمرد والهزيمة والانكسار، تختلط بالترحال الدائم الذي يحمل وجع المغيب، وحرقة اللااستقرار.
منذ بداية الرواية استطاع الكاتب أن يفكك تلك النزعة الإنسانية لدى شخصياته التي كانت هي الأداة المحرك، والمحور الأساس للرواية، فالرواية هي الإنسان بحد ذاته بما يحمله من توترات وإرهاصات وتخبطات.
تسلسل الرواية يدرك بداية بالقلب لا بالعقل فقط، لأن الكاتب بانتقاله السريع من مكان إلى آخر، وباضطراب مقصود لإظهار حالة التوتر الدائم عند الشخصيات، وكذلك البلاد المُتحدّث عنها، يجعلها شاخصة أمامك، حيث تنسجم مع الرواية بالمكان والناس الذين يعيشون في ذلك المكان، فيصور الحدث بمشهدية سردية تحملك من الواقع المقصود إلى الواقع المتخيل أمامك.
أحداث رواية عسل المرايا تدور في ثلاث مدن عربية، العراق، بيروت، وغزة. هذه المدن ترسم معالم وجعها مدنًا عربية أخرى، يحكي وجعها وشخصه، يتكلم على احتلال العراق، وانكسار حضارة أمة عريقة، ومن ثم ينتقل سريعًا إلى بيروت، إلى احتلال الإسرائيليين لبيروت في العام 1982، وبعدها دحره من لبنان، بعد قص حكايات الهزيمة والنصر، فالمقاومة حاضرة في المدن كلها، لكنها في بيروت كانت مختلفة المعالم، من انكسار ورتابة عيش فيها، إلى انتصار تشهده الحدود الجنوبية القريبة من فلسطين، وذلك كله بفعل المقاومة. وبعد ذلك النصر الذي تشهده الحدود اللبنانية، ينتقل سريعصا إلى غزة مدينة بطل الرواية عبد الرحمن، تلك المدينة التي شهدت بعد اتفاق أوسلو تغييرات عرضة، وصارت عرضة للتفتيت والانفلات، وللقصف والدمار والموت، لكن لا تغفل الرواية انتفاضة أبناء غزة التي أعادت إلى تلك المدينة روحها، وكل ذلك يأتي من خلال السرد القصصي الذي اعتمده الكاتب في روايته.
كما إن شخوص الرواية جاءت حقيقية تعبر عن واقع الحياة المعاش، والأحداث لم تكن رتيبة، بمعنى فقد روحية الكتابة والنقل المتسلسل للأحداث بطريقة سلسة ومحببة للقارئ، لا بل على العكس كانت تعكس الواقع المعاش الحقيقي.
ولا تغفل الرواية قصص الحب، فقد كان حاضرا بصوره المختلفة، وباختلاجاته المتعددة، فالنزعة الإنسانية المعاشة هي التي سيرت تلك الشخصيات، وجعلتها تتكلم بمصداقية وعفوية، وإن جاءت تلك القصص على عكس المتوقع لها مع نهاية كل رواية من روايات الحب.
ولكن يُسجل للرواية أنها جاءت لتؤرخ لحقبة زمنية محددة عاشها الواقع العربي، بدْءًا الاحتلال الإسرائيلي لبيروت، وسقوط بغداد إلى انتفاضة غزة الثانية، وذلك أيضا من دون إغفال النزعة الإنسانية فيها، والتاريخ الإنساني يجب أن يثحفظ، فجاء هنا بصيغة السرد القصصي المتميز، وإن ألقى عليه الكاتب تلك الروح القلقة المضطربة، وكل ذلك سببه الترحال المستمر والدائم للفلسطيني.
بالإضافة إلى كل ما ذُكر فالكاتب في روايته لم يغفل قصة الإذعان العربي للآخرين، ذلك الإذعان الذي يحمل شعارات بالية، لم تجلب للوطن العربي غير الهزيمة تلو الهزيمة.
مشهدان مرا في الرواية يلخصان الوجع الذي أراد الكاتب إظهاره، وجع الموت ووجع الغربة، الموت بعيدا عن الوطن، والغربة بحقيبة سفر تتنقل مع حاملها من بلد لآخر.
دموع عبدالرحمن على موت أبيه الذي يمثل القضية الفلسطينية، ودموع ضرار ساعة السفر حين حمل حقيبته تاركا خلفه دموع أمه ووجع بلده الذي صار منهزما على الدوام.
ثم قدم الأستاذ هاني مندس قراءة نقدية لرواية عسل المرايا، جاء فيها:
أتقدم بالشكر والتقدير لمركز معروف سعد الثقافي الذي أتاح لنا فرصة مناقشة العمل الروائي الهام للكاتب نافذ أبو حسنة. قلت المناقشة وليس النقد. لأن أفضل مناقشة لرواية أو كتاب تكون بالاستمتاع بقراءتها أولاً. أما النقد الأدبي الفني نفسه يضيء ويضيف للناقد في المقابل وبقدر أقل يضيء النقد الجدي ما غفل عنه الكاتب في بنائه الدرامي لعمله أو ما ينبغي إبرازه أكثر مما أورده الكاتب. وأبدأ سؤالي للكاتب نافذ أبو حسنة عن روايته “عمل المرايا” بالقول: كيف استطعت فعلاً أن تنتج كل هذا العسل الفني الجميل من خلال تلك المرايا الكثيرة العامة والخاصة التي عكست الأحداث التاريخية والسياسية والعلاقات الشخصية الحميمة؟ وفعلاً كان ذلك عملاً طيباً يشبه عسل بلاد والدك فلسطين. والدك العسل كان يوصيك دوماً على العسل ويقول لك لا يوجد مثل عسل فلسطين. عسلك نافذ بقدرتك الفنية انتزعته مقتحماً كل الأحداث والتطورات التي عصفت بالمنطقة وبجيلك وبك كإنسان. وبدءاً من الحرب على العراق وسقوط بغداد ومروراً بحرب العدوان الصهيوني على لبنان 2006، ومن ثم حرب العدو على قطاع غزة … وإلى جانب الانتفاضات الفلسطينية واغتيال الصهاينة لعرفات. والكاتب نافذ أبو حسنة تحار بأي براعة فنية وحبكة درامية واضحة. لقد تمكن من تشخيص الصراع الدرامي بينه وبين المرأة التي احبها سلام… وللاسم رمزيته لدى البطل فقد منحته تلك المرأة سلاماً وحباً مفتوحاً يستهدف الحب بذاته لذاته. وبما ينسجم مع رؤيته للحب والعلاقة مع المرأة. وعبر عن ذلك بمشاعرية أخاذة وجمالية مترفة وبمشاعر الشغف المحلق. لم يتخذ نافذ مكاناً ضيقاً لنماذجه المختلفة الروائية، فهناك بغداد ودمشق وبيروت… والأخيرة كانت ببحرها وناسها وحرياتها المفتوحة المكان الوحيد الذي يمكن أن ينطلق فيه. إن إبداعات وتجليات نافذ المعبرة عن معاناته في البحث عن الفردوس الموجود – المفقود .. حيث تظل الحرية وحدها هي التي تبدع سحر هذا الغياب الحاضر .. والحاضر الغائب. الزمن في رواية نافذ يتجلى في شكله التاريخي الحدثي.. لكن الانسياب الخارجي للزمن بعليله المعندي المحزن الدامي في هذه المنطقة.. كانت تتشابك لحظاته المتعاقبة وتتقاطع وتقترب وتتباعد..
الكاتب نافذ أبو حسنة شكر مركز معروف سعد على استضافته لحفل توقيع روايته، كما شكر الدكتور أسامة سعد على رعايته التوقيع، ووجه تحية لجميع الحاضرين. وحيا نضال الشهيد معروف سعد الذي كان من أوائل الأشخاص الذين قاتل بالبندقية وواضب على النضال ودفع حياته فداءً لهذا الوطن.
وفي ختام الحفل وقع الكاتب نافذ أبو حسنة روايته “عسل المرايا”، وبحفل كوكتيل.

===

موقع صيدا

19/04/2016

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *