إغلاق مؤسسة الأقصى.. تمهيد لزيادة الاعتداءات على القدس

في خطوة كانت تتوقعها أوساط فلسطينية تتابع عن كثب ما يشهده المسجد الأقصى المبارك، وما تتعرض له مدينة القدس من اعتداءات متواصلة، أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على إغلاق مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية، التي يترأسها الشيخ رائد صلاح، من مدينة أم الفحم، والتي تنشط في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وتعتبر من أهم المؤسسات التي كرست نفسها لخدمة ورعاية المقدسات الإسلامية في القدس والأراضي المحتلة عام 1948، والدفاع عنها وكشف مخططات الاستيلاء عليها وتهويدها، وصاردت منها خرائط ووثائق ومحتويات مهمة لا تقدر بثمن.

ليست هذه المرة الأولى التي تتعرض فيها المؤسسة لاعتداءت الصهاينة، فقد سبق أن تعرضت للهدم مرارا، واعتقل مؤسسها ورئيسها الشيخ رائد صلاح لعدة سنوات، حيث وُجهت له اتهامات باطلة، وأثناء الاعتقال تعرض عمل المؤسسة لأذى شديد،غير أن إغلاقها في هذا الوقت بالذات، والذي تتصاعد فيه التهديدات للأقصى، ينطوي على دلالات ومخاطر جمة، يمكن تبينها من خلال الدور الذي يلعبه أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948 عامة، والمؤسسة خاصة، في حماية المسجد، وعليه فإن هذا الإجراء يرمي إلى تقييد حركتهم في القدس، وهم حائط الدفاع شبه الوحيد عنة هذه المقدسات في وقتنا الحاضر.

ووفق الأوساط الفلسطينية، فالإغلاق هو خطوة تهدف إلى حجب المدّ البشري عن المسجد الأقصى، وهو الذي كان يشكل شبكة الحماية للمسجد في وجه الاقتحامات المتواصلة ومحاولات تثبيت الوجود اليهودي فيه، وكانت مؤسسة الأقصى الجهة الرائدة في حمل هذا المد البشري على مدار الساعة في مشروعاتها المتواصلة لشدّ الرحال وإعمار المسجد بالمصلين من الأراضي المحتلة عام 1948 ومن القدس، في ظل منع أهل الضفة الغربية وغزة من دخول المسجد بشكل شبه تامّ. ومع إبعاد الفلسطينين، تتاح حرية تحرّك المؤسسة الرسمية الصهيونية والجمعيات اليهودية المتطرفة في الحفريات والإنشاءات تحت المسجد  وفي محيطه، فمؤسسة الأقصى هي الجهة الأساسية التي ترصد هذه التحركات وتكشفها للعالم.

ويبدو واضحا أن الأنشطة التي تقوم بها المؤسسة باتت تشكل إزعاجاً للصهاينة، الذين يعتبرون السنوات القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة لمصير الأقصى، وذلك بعد أن بلغت الحفريات مستويات غير مسبوقة، وتشبه مدينة كاملة تقوم تحت الأرض، وتضم أنفاقاً وقاعات وكنسا ومتاحف، على نحو يشبه تأليف تاريخ مزور للقدس، يقيم الصلة المزعومة بينهما وبين الاستيطان الصهيوني، بعد أن فشلت كل أعمال الحفر المستمرة منذ عقود  في العثور على دليل أثري واحد يستخدم دليلاً في إثبات مزاعم الصهاينة.

التطور الأخطر بحسب الأوساط الفلسطينية المتابعة، يتعلق بالعملية الجارية لتقاسم ساحات الأقصى، والتي يتم التمهيد لها بأعمال الحفر والإنشاء القائمة أمام باب المغاربة، حيث تتم التهيئة لإمكان دفع مئات المستوطنين عبر جسر خاص إلى الساحات الملاصقة للحائط الغربي، ليقوم هؤلاء بأداء صلواتهم في المكان، والنتيجة المتوقعة هي صدام يؤدي إلى قتلى وجرحى، يعقبه تدخل سلطات الاحتلال للعمل على تنظيم دخول اليهود لأداء الصلاة، وجعل التقاسم أمراً واقعاً. المؤسسة المغلقة كانت حذرت من هذا المخطط، وعملت على تنظيم جلسات يومية لحفظ القرآن الكريم في المكان المستهدف، لذلك فإن توقيت إغلاق المؤسسة، يشير إلى اقتراب الشروع بتنفيذ المخطط المبيت.

هل بات من المفيد مجددا إطلاق صرخة تحذير مجددة، أم أن الجميع أصبح اليوم خالداً للسكينة، باعتبار أن “للبيت رب يحميه” و”كفى الله المؤمنين القتال”؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *